الخميس، 1 فبراير 2018

تسول ... قصة قصيرة



توقفت السيارة على الإشارة الضوئية الحمراء، لفت انتباه سائقها المترف طفل في نحو الثامنة من عمره في ملابس رثة، يتسول سائقي وراكبي السيارات المتوقفة، كأنه رآه من قبل، وعندما استدار وجه الطفل صرخ فجأة: ابني ... يا إلهي ابني!
انتبه الطفل، فتفاجئ بوالده يفتح باب سيارته، فهرب مع تحول الإشارة الضوئية إلى خضراء وتحركت السيارات، فاصطدم بسيارة متحركة ووقع على الأرض.
في المستشفى، تم إجراء الإسعافات الضرورية للطفل من تجبير كسر في يده، وتضميد جروح في يديه ورجليه وجبهته، ووضع تحت المراقبة الطبية للتأكد من عدم وجود إصابات داخلية.
وقف الأب يراقب طفله بحزن وألم، وفي عينيه تساؤل كبير، ما لبث أن نطق به: لماذا يا ولدي؟ لماذا؟!
كان الطفل ينظر إلى والده بترقب وخوف، ثم ما لبث أن أجاب: أحب أن يكون عندي مال كثير، وبما أني لا أجيد أي عمل، فأسهل شيء وجدته أن أتسول، وقد اتفقت على ذلك ومجموعة من أصحابي.
سأل الأب بذهول: تتسول يا ولدي؟! وأنت لا ينقصك شيء، وأنا كما تعلم ثري كبير، وعندي شركات ومصانع، ورصيدي في البنك كبير جداً؟!
أجاب الطفل: إذا كنت كما تقول، فلماذا لا نراك إلا قليلاً، تسافر وتجتمع وتسهر وتعمل ليل نهار؟!
صمت الأب وقلبه يتفطر ألماً، ثم انسحب من الغرفة يداري دموعاً توشك أن تتساقط من عينيه، وغصة تطبق على صدره تكاد تكتم أنفاسه.

نشرت في صحيفة الدستور الأردنية بتاريخ  29-9-2017




 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق