السبت، 18 سبتمبر 2010

على هامش الحياة - قصص قصيرة جداً

موسى إبراهيم أبو رياش

الساعة سبعة

كان يجوب شوارع المخيم صباحاً ومساءً، صيفاً وشتاءً، لا يتخلف عن موعده أبداً مهما كانت الظروف. خطواته الرتيبة بحذائه الثقيل تدق الأرض كجندي محترف. وادع لطيف، لا يؤذي أحداً، يقدم مساعدات صغيرة هنا وهناك إن تطلَّب الأمر. كان نداؤه الدائم في جولاته "الساعة سبعة ... الساعة سبعة" ويرددها ويكررها بصوت مرتفع، يتناغم وخطواته المتوازنة. تكيَّف سكان المخيَّم مع سلامة وأفعاله، حتى أصبح من معالم المخيم البارزة، غير إنَّ فئة قليلة جداً كانت تعتبر سلامة مزعجاً لها ومقلقلاً لراحتها، وكم اشتكت لوالدته الطيبة، التي كانت تبتسم بوداعة وتحوقل وتعدهم خيراً. غير إنَّ سلامة ينسى صباحاً ما ترجوه والدته منه مساءً. ذات صباح حزين توفي سلامة، خيَّم صمت ثقيل، فقد ترك فراغاً كبيراً في شوارع المخيم، وأكثر من افتقد سلامة هم الذين اعترضوا عليه وشكوه إلى والدته، لأنهم أدركوا بعد فوات الأوان أنَّ سلامة كان يشعرهم بالحياة وطعمها رغم مرارتها.

عندما يحين الأوان

يقتعد حجراً كبيراً على مربع أحد شوارع المخيم، أو يقف ساعات طوال في المكان نفسه، لا يغادره إلا قليلاً لبعض حوائجه. جلسته أو وقفته لا تتغير بتغير الأيام أو الفصول، ولا يغادر زاويته الأثيرة إلا لنوم أو هروباً من مطر غزير. هادئ الطباع، صامت، ذاهل عما حوله وإن كان يراقب باهتمام أحياناً حركة الشارع. يفاجئك عندما تحدثه أنَّه يتحدث كأي عاقل بل ومثقف أيضاً. كان يُشكِّل لغزاً عند البعض، والأكثرية لا تُلقي له بالاً. عندما سألته أن يخبرني عن مشكلته وقصته، أجابني: عندما يحين الأوان، وكانت هذه الإجابة الحكيمة تسكتني إلى حين، وكلما كررت السؤال أعاد الإجابة نفسها. رحل فهد عن دنيانا فجأة، ودفن سره معه، ولما حاولت أن أعرف السر من أهله، اعتذروا احتراماً لفهد، الذي طالما أكد أنَّه سيخبرني بالسر عندما يحين الأوان !!

أول ما شطح نطح

حمّاد لا يُرى إلا هارباً ككلب مذعور، أو لائذاً بالجدران يحتمي بها، وكم رآه الناس وهو يركض هارباً من ظله، لا يقوم بأي عمل، ولا يأبه بأي شيء، ينتقل من بيته إلى الشارع، يتمشى بترقب وحذر، وسرعان ما يعود إلى البيت، يلوذ به من خطر يحسب أنه يتهدده. كثيراً ما شجَّعه والده أن لا يخاف ولا يهرب، وأن يتصرف كرجل، وعند الضرورة فليمسك بحجر ويضرب به من أراد به أذية أو سوءً. أخيراً تشجع حماد عندما قام أخوه الأصغر بجره إلى داخل البيت بعنف، فما كان من حماد إلا أن التقط حجراً وضرب به رأس أخيه بقوة، فتفجر الدم، وهرب حماد لا يلوي على شيء!!


نشرت في الملحق الثقافي للدستور - الجمعة 17أيلول2010 على الرابط

http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=\Supplement2\2010\09\Supplement2_issue1071_day17_id266343.हतं

وعلى الرابط

http://www.addustour.com/PDF_Daily/2010_9/9_1071_5_5_103067.pdf




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق