الأربعاء، 29 سبتمبر 2010

إلى طلبة الجامعات

موسى إبراهيم أبو رياش

أيها الطلبة الجامعيين قدامى وجدداً ... أبارك لكم عامكم الجديد هذا، راجياً لكم سنة دراسية موفقة، ملؤها التوفيق والنجاح والتميز في كل مناحي الحياة عامة، والدراسة الجامعية خاصة.

أيها الأعزاء ...

لتكن بدايتكم هذه السنة مختلفة نحو الأفضل، متميزة، ثرية، كلها أمل وإشراق وتفاؤل، راجعوا ما سبق من خطواتكم، وما سلف من أعمالكم، واستبعدوا أخطاءكم وتجاوزوا تقصيركم، وعززوا نجاحاتكم، واكتشفوا خفي إبداعكم وطاقاتكم، وثقوا أنكم تمتلكون طاقات وقدرات جبارة، ترفعكم إلى عنان السماء إن شئتم وعزمتم، وتوصلكم إلى تحقيق أحلامكم إن نويتم وقصدتم، وتمهد لكم سبل النجاح والتفوق والرقي إن كانت هذه مبتغاكم وغايتكم.

أيها الأعزاء ...

اعلموا أن وظيفتكم هي أن تكونوا طلاباً كما يقول الدكتور إبراهيم الخليفي، وهذه الوظيفة تتطلب منكم أن تقوموا بواجب هذه الوظيفة خير قيام، وأن لا تشغلكم عنها أية مشغلة أخرى مهما بدت لكم مهمة أو ضرورية، فالطبيب في عيادته لا يقدم على مرضاه أي أمر آخر مهما كان مهماً، والجندي في معسكره لا يمكن أن يترك واجبه مهما كانت الظروف، وأنتم يا رعاكم الله طلبة تفرغتم للعلم، وفتحت لكم الجامعات أبوابها، وبذل لكم الأهل أموالهم ومدخراتهم، فأدوا حق ما تفرغتم لأجله، وقوموا بواجبكم تجاه وطنكم وأهلكم، ولا تكونوا سبباً في إفساد الجامعات بعنادكم وتشتتكم وتيهكم.

أيها الأعزاء ...

عندما تدخلون الجامعة، فاعلموا أنكم دخلتم محراب العلم، كما يدخل المصلي المسجد، فكونوا في جامعاتكم كما يكون المصلي في مسجده، وثقوا أنكم في عبادة ما دمتم حريصين على تحصيل العلم وتعلمه والاعتكاف عليه وتطبيقه.

اخلعوا على باب الجامعة كل ما يشغلكم ويعيقكم عن العلم، فاتركوا العشيرة والانتماء السياسي والحزبي والطائفي والعرقي والجهوي والإقليمي والطبقي والجغرافي، فكلكم في الجامعة طلبة علم ورهبان في معبده، ولن تنالوا لذته ونعيمه إلا إن خلعتم كل ربقة تعيقكم، أو قيد يكبلكم، فالعلم لا يقبل له شريكاً في محرابه، ولا يتحيز إلا لمن يحرص عليه، ويعرف مسالكه، وينشد مظانه، ويخلع كل ثوب غير ثوبه، ويتخلى عن كل رابط إلا رابطه، ويقطع كل علاقة إلا علائقه، ولا نسب إلا نسبه، ولا غنى إلا به، ولا رفعة إلا بامتلاك نواصيه، ولا سؤدد إلا بزمامه.

أيها الأعزاء ...

إن المغريات كثيرة، والملهيات لا حصر لها، ولكن العاقل لا يقع في هذا الفخ، ولا يمكن أن يكون ضحية الغفلة والسذاجة، فالعلم مهمته أولاً وأخيراً، وأي التفات هنا وهناك قد يحيده عن الطريق، ويخرجه عن المسار. ولا أعني بذلك أن تغلقوا على أنفسكم أبواب غرفكم وبيوتكم، وأن تتجاهلوا ما حولكم، وأن تنقطعوا عن الدنيا وأهلها، ولكن الأولوية للدراسة والعلم، ولا بأس ببعض الراحة والترفيه بحدود ومقادير محسوبة، وخطة مرسومة.

لا تستعجلوا الدنيا وزينتها وبهرجها، فالطريق أمامكم طويل، ولا تدخلوها إلا بزاد وافر من الثقافة والدراية، وسلاح فعال من العلم والمعرفة، ولا تخشوا أن تحرموا من الدنيا، فهي تنتظركم بالأحضان، وتترصدكم منذ ولدتم، فلا تنجرفوا إليها قبل الأوان، ولا تدخلوها إلا وأنتم على أهبة الاستعداد.

لا يلهينكم تتبع الموضات وصرعاتها، والنهفات ومساخرها، والتفاهات وأنفاقها، وسفاسف الأمور ومغرياتها، وخيوط العنكبوت وفتنتها. فلا يتورط في كل ما سبق إلا أصحاب العقول التافهة، والأدمغة الفارغة، والنفوس الدنيئة، والأرواح الخبيثة، والقلوب الصدئة العفنة، الذين ينعقون مع كل ناعق، ويتبعون سبل كل فاسق، ويقلدون خطى كل مارق!

التخطيط السليم، والانتظام والحزم، والحرص على الدوام، واحترام الوقت، وتقدير المدرسين، والالتزام بالأولويات والقواعد والأنظمة من أهم عوامل النجاح والتميز، وهي من أسباب احترام الآخرين لك، وتقديرهم وإعجابهم بك، فاحرص أن تكون محترماً في كل مكان تدخله، وأن تكون محبوباً في أي مجال تلجه.

أيها الأعزاء ...

احرصوا على الحوار، وفتح قنوات الاتصال فيما بينكم وبين الآخرين، ولتكن المرونة والتفاهم سبيلكم، والتعاون وسيلتكم، والتسامح والصفح دأبكم، تجدوا لكل الأبواب مفتحة لكم لتدخلوها بالترحاب، وكل السبل ممهدة لتسيروا عليها بسلام.

وللدعاة من مختلف الاتجاهات السياسية والدينية، لا تكونوا ساذجين باتباع الطرق التقليدية، واعلموا أن أفضل سبل الدعوة لما تؤمنون به، وأكثرها تأثيراً، أن تتميزوا بالعلم والتحصيل والتفوق والخلق القويم، وحسن التواصل، وعندها يأتيكم من تريدون، ويطلبونكم ليتعرفوا سر تميزكم وتفوقكم، فتفوقكم ونجاحكم هو سر نشر دعوتكم، واعلموا أن الماء لا يصعد إلى أعلى طواعية كما يقول مالك بن نبي رحمه الله، فإذا رغبتم بأن ترووا عطش الآخرين فكونوا أعلى منهم في منازل العلم والتحصيل والتفوق الأكاديمي المقرون بالتميز الأخلاقي والسلوكي والمعرفي وسعة الثقافة والأفق. وتأكدوا أن الضعيف علمياً، والمتخلف تحصيلياً أعجز أن يقنع نفسه بما يدعو إليه، ولذا فإنه عن إقناع ودعوة غيره أعجز!

استرشدوا برأي من سبقكم، واسمعوا نصيحة من هم أكبر منكم، ولكن لا تسلموا لهم رقابكم، وترهنوا عندهم عقولكم، فلكل هوى، ولكل رأي، قد يكون متحيزاً مهما نشد العدالة والنزاهة، واعلموا أن لكل باب مفتاحاً، ولكل عقبة منفذاً، ولكل جبل مصعداً، ولكل واد مسرباً.

وأخيراً أيها الأعزاء ...

فإن الحياة الجامعية حياة متميزة واسعة تتجدد يوماً بعد يوم، فليكن غذاؤكم فيها علماً، وشرابكم معرفة وثقافة، وتنفسكم أدباً وخلقاً، وطريقكم في طرقاتها الاستقامة والنظافة والطهارة. وابتغوا في دراستكم مرضاة الله وطاعته، وتحقيق عمارة الأرض التي انتدبنا لها، وخلقنا من أجلها. احرصوا على كل لحظة فيها أن تمر دون فائدة أو منفعة، ولا تخطوا أية خطوة إلا لهدف، وليكن التواضع شيمتكم، والصدق زينة ألسنتكم، والابتسامة اللطيفة تذكرتكم إلى قلوب الآخرين مهما قست أو تحجرت.

نشرت في صحيفة الدستور - ملحق الشباب - الأربعاء29أيلول2010
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=\Supplement1\2010\09\Supplement1_issue1083_day29_id269336.हतं


مقلوبة بالسوس

موسى إبراهيم أبو رياش

كتب ناشر تنفيس وعميدها مقالة بعنوان (مقلوبة مش مقلوبة) التي نشرت في صحيفة الدستور يوم الثلاثاء 28 أيلول 2010 . وهذه المقالة أثارت عبق التاريخ ورائحة الأصالة التي افتقدناها هذه الأيام الغبراء، التي أصبحنا نأكل فيها صور الماضي وخيالاته الوهمية.

وللأسف فإن المشكلة لم تقتصر على الطعم والرائحة، وإنما تعدتها إلى المكونات المضروبة والمغشوشة، وخاصة الأرز الذي كنا نشترية أيام زمان نظيفاً وبسعر التراب، وفي أيامنا هذه هلت علينا بركات الجشع والفساد فصرنا نشاهد الأرز (المدود)، والأرز (المعفن)، والأرز (المسوس)، والأرز (المرطب)، أما الأرز (المكسر) فهو أخفهن مصيبة!!

قبل أسابيع اشتري ابني كيس أرز زنة 10 كيلو غرام من المؤسسة المدنية، وعاد به فرحاً مسروراً (غاب وجاب)، ولما كان عندنا بقايا أرز، لم نفتح الكيس إلا بعد عشرة أيام أو يزيد، وكان الكيس من النوع غير الشفاف (كيس أبيض)، ولما فتح الكيس عينك ما تشوف غير السوس ينغل في الكيس كأنه يأجوج ومأجوج من كل حدب ينسلون!

بدأت المكالمات الهاتفية تشتغل للحصول على وصفة تعالج جيش السوس العرمرم، فقيل ضعوا الملح مع الأرز يقضي على السوس ويوقف نموه المخيف. ويبدو أن الملح كان حلم السوس ومطلبه منذ الأزل، فزاد السوس وتكاثر، ولا أدري أين الخلل: هل الملح مغشوش؟ أم أن السوس تطور وتكيف مع الملح؟!

ما علينا، تذكرت وصفة من (الختياريات) بنشر الأرز المسوس في الشمس حتى ينسحب السوس أو يموت (ربما الوصفة مأخوذة كخلاصة من رواية رجال في الشمس لغسان كنفاني رحمه الله) ، وسارعنا بإجراء اللازم، وفعلاً رأينا السوس يسحب جيوشه من الأرز، وبعد ساعة حملنا صينية الأرز إلى الداخل بفرح من تخلص من جربه، ووضعناها على السجادة لإعادة الأرز إلى (قطرميزه)، وكانت المفاجأة .... كان السوس متجمعاً بكتل تحت الصينية بحثاً عن الرطوبة والظل، وما أن وضعنا الصينية على السجادة حتى سرح وانتشر على السجادة وشرَّق وغرَّب، وبدأت معركة القضاء عليه (بالشباشب)، ونجحنا بالتخلص من 50% من الأعداء، وولت البقية الفرار تحت الفراش والكنبايات وتحت ملابسنا وتحت السجادة وتحت الخزائن وربما بين رموش أعيننا!

المشكلة (مش هون)، المشكلة يا سادة كرام كيف نقنع الأولاد بأن يأكلوا المقلوبة باستخدام الأرز بعد تنظيفه من السوس بالماء والماء والماء حتى عاشر ماء. ربما تقولون: تخلص من الأرز وربنا يعوض! واسمحوا لي أن أقول لكم: بتحكوا وإنتم مرتاحين، ومش خسرانين أي شيء. والله الواحد بيعز عليه يتخلص من شيء دفع فيه الأبيض والأسود! صحيح أن تنظيف الأرز بالماء (عشرتعشر) مرة قد يكلف أكثر من ثمنه، ولكن نتحمل ذلك من أجل الانتصار على السوس، وعدم الاستسلام لوقاحته وعدوانه الغاشم! (المسألة مسألة كرامة) ثم تصوروا رحمكم الله لو أن كل بضاعة نشتريها وطلعت معيبة تخلصنا منها، فإنه يلزمنا أن نتخلص من أغلب ما نشترية!

من منكم اشترى موزاً ولم يجد قرناً على الأقل (مفعصاً)، ومن منكم اشترى ملفوفاً أو زهرة أو خساً ولم يجد المن أو الدود في الداخل، ومن منكم اشترى بطيخة ولم يجدها (مليفة) أو (مزة) أو لا تصلح للأكل، ومن .......... الخ!

الخلاصة، جمدنا طبخ الأرز حتى نجد حلاً لمعضلة اقناع الأولاد بأكله بعد التنظيف، وتم تشكيل لجنة لتدارس الوضع وإيجاد حل جذري للمشكلة، وتم عقد أكثر من عشرة اجتماعات دون التوصل إلى حلول مرضية، وتم الاتفاق على رفع الاجتماعات وتعليقها إلى ما بعد التاسع من تشرين الثاني المقبل.

وكل مقلوبة وأنتم بألف خير، وبسيطة يا أبو وطن ... لو مشاكلنا وقفت على المقلوبة لهانت، ولكن المقلوبة يا عزيزي أهون المصائب!!

نشرت في موقع تنفيس

http://www.tanfis.com/index.php?option=com_content&view=article&id=708:%D9%85%D9%82%D9%84%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B3&catid=79:2010-07-06-10-16-24&Itemid=135


الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

الأزرق تستغيث تعليمياً

موسى إبراهيم أبو رياش

لا ينكر أحد أن منطقة الأزرق منكوبة تربوياً، وأنها تعاني الأمرين في بداية كل عام دراسي بسبب النقص الكبير في عدد المعلمين، وتحاول مديرية تربية الزرقاء الثانية جاهدة معالجة الأمر حسب طاقتها وصلاحياتها، ولكن الوضع يظل خارج السيطرة!!

تصنف الأزرق بأنها منطقة نائية طاردة للخبرات، تعاني من هزات تربوية وتعليمية طوال العام الدراسي، ولكنها في الفصل الأول أشد وتصل إلى درجة الزلزال أحياناً، إذا إن بعض المدارس يصل فيها النقص إلى 50% وبعضها قد يزيد عن ذلك، وتلجاً المديرية لتغطية النقص بالتعليم الإضافي الذي يبقى غير مستقر وخاصة في مدارس الذكور.

كما إن نسب النجاح في مدارس الأزرق متدنية، ولعل أهم الأسباب عدم توافر خبرات كافية عند المعلمين رغم أنهم يبذلون طاقتهم، ولكنهم في الأغلب الأعم من المعلمين الجدد الذين يعملون سنة أو سنتين ثم ينتقلون إلى مديريات أو مدارس أخرى، كما إن البيئة التعليمية غير المناسبة تعلب دوراً مهماً في تدني نسب النجاح، بالإضافة إلى قلة الوعي عند الطلبة وعدم متابعة الأهل بشكل مناسب. وهناك عوامل كثيرة أقل درجة مما ذكر آنفاً.

منطقة الأزرق ليست الوحيدة التي تعاني من هذه المشكلة، فهناك مناطق أخرى مثل الأزرق وقد تكون أسوأ. وكل الحلول والمعالجات الآنية الجزئية، والفزعات لم تؤدي إلى أي تقدم يذكر في سبيل الحل الجذري للوضع التعليمي والتربوي المؤسف. والمطلوب البحث عن بدائل وحلول غير نمطية، حلول إبداعية، حلول تبتعد عن الدوران في الحلقات المفرغة، حلول تستهدف حل المشكلة من أساسها وفق رؤية خارجة عن المألوف وتستشرف المستقبل، مرتبطة بمصلحة الطلبة في مقدمة أولوياتها.

إن الحلول التي قد تساعد في حل المشكلة كثيرة، ومنها:

أولاً: إعطاء أولوية التعيين لأبناء منطقة الأزرق بغض النظر عن ترتيبهم في ديوان الخدمة المدنية، واعتبار منطقة الأزرق منطقة مغلقة وظيفياً، وخاصة للتخصصات التعليمية، وتعيين حملة الدبلوم للتدريس للمرحلة الأساسية.

ثانياً: منح كل من يتعين من خارج منطقة الأزرق علاوة خاصة لا تقل عن 100 دينار شهرياً، وتتزايد حسب بعد المنطقة جغرافياً، وتمنح زيادة سنوية خاصة مجزية لمن يستمر من المعلمين في الأزرق.

ثالثاً: صرف بدل مواصلات لكل المعلمين الذين يأتون من خارج الأزرق.

رابعاً: منح المعلمين من أبناء الأزرق علاوات خاصة لتثبيتهم في مدارس الأزرق.

خامساً: تحسين وضع السكن الوظيفي وتزويده بكافة المستلزمات.

سادساً: تخصيص سكن وظيفي عائلي للمعلمين من خارج الأزرق، وضرورة ضبطه ليخدم من يستحق.

سابعاً: تزويد مدارس الأزرق بكل ما يلزمها من أدوات ومختبرات وبنية تحتية وأبنية كافية، وإعطاء الأولوية لها مهما كانت الظروف.

ثامناً: صرف تغذية لجميع طلبة الأزرق ومعلميها.

تاسعاً: فتح مكتب ارتباط لمديرية التربية للمتابعة وإنجاز المعاملات المستعجلة.

عاشراً: قبول جميع طلبة الأزرق الناجحين في الثانوية العامة في الجامعات والكليات وعلى نفقة الدولة.

حادي عشر: صرف مياومات لكل موظف أو مسؤول تربوي يزور مدارس الأزرق، بشرط تقديم تقرير عن زيارته مدعم بالإثباتات والنماذج المعتمدة.

ثاني عشر: تشكيل مجلس تربية وتعليم من أهالي الأزرق لمتابعة المدارس والتعاون لحل مشاكلها.

ثالث عشر: إعطاء جائزة شهرية لأفضل معلم وأفضل معلمة وفق معايير متفق عليها.

أما الحل الجذري الذي أراه الأنسب والأفضل فهو أن تتبع جميع مدارس الأزرق إلى مديرية الثقافة العسكرية، لأنها الأقدر للتعامل مع ظروف مثل ظروف الأزرق، وبإمكانها توفير المعلمين وما تحتاجه المدارس والتغذية وغير ذلك. كما إنها الأقدر على المتابعة الإشرافية والإدارية. وهناك مناطق طبقت فيها هذه الفكرة وكانت ناجحة جداً، مثل الحسينية والقويرة وأذرح وغيرها.

وهذا الأمر إن تم، فإنه سيخدم طلبة الأزرق بشكل كبير جداً، وأقلها الانضباط واحترام الأنظمة والقوانين، وسينعكس ذلك على درجة التحصيل. كما أنه يشجع الطلبة على الانتظام، وسيجعل من الأهالي خير داعم ومتعاون مع المدارس، وستختفي مظاهر الفوضى والتسرب والتغيب.

إن منطقة الأزرق تستحق أن يعقد مؤتمر تربوي طارئ من أجلها وعلى أرضها، ليتم تشخيص الواقع وتدارس الحلول الممكنة، بحضور كافة الجهات المعنية وعلى رأسها وزير التربية والتعليم، وأن لا ينتهي المؤتمر إلا بحل نهائي للمشكلة، مهما كانت التكلفة.

كما إن من حق منطقة الأزرق أن تزار وتتابع من قبل المسؤولين في الوزارة، وخاصة مسؤولي الصف الأول، وأن تكون لهم زيارات مكثفة ودورية لمدارسها، والعمل على حل مشاكلها أولاً بأول.

الأزرق تستغيث يا وزير التربية والتعليم، الأزرق تستغيث يا أمناء الوزارة ومديري الإدارات، الأزرق تستغيث يا سامعين الصوت، الأزرق تستغيث يا أهل النخوة والنجدة والشهامة، الأزرق تستغيث يا جماعات وأحزاب ومصلحين وقادة رأي، الأزرق تستغيث أيها المرشحين لمجلس النواب، الأزرق تستغيث أيها الجامعات ومراكز البحث، الأزرق تستغيث ... فهل من مغيث؟؟!!

نشرت على زاد الأردن

http://www.jordanzad.com/jor/index.php?option=com_content&task=view2&id=२३९२३


جراسا

http://www.gerasanews.com/web/?c=122&a=३४४३७


كل الأردن

http://www.allofjo.net/web/?c=145&a=२५४००


نيرون

http://www.niroonnews.com/arabnews/4963-2010-09-27-22-43-35.हटमल


البلقا نيوز

http://www.albalqanews.net/NewsDetails.aspx?Lng=2&PageID=5&NewsID=११५०४


مؤاب

http://mouab.com/index.php?option=com_content&task=view&id=21328&Itemid=१७९


وطن نيوز

http://www.watnnews.net/NewsDetails.aspx?PageID=21&NewsID=१५३११


الأحد، 19 سبتمبر 2010

التخبط التربوي

موسى إبراهيم أبو رياش

أقدر عالياً الجهود العظيمة التي تبذلها وزارة التربية والتعليم بكوادرها الضخمة في مركز الوزارة ومديريات الميدان في سبيل تحقيق الأهداف التربوية لصناعة جيل واعٍ منتمٍ مدرك. والنقد البناء لا يقلل من قيمة المنتقَد، بل يلقي الضوء على عثراته وزلاته، ليتداركها مستقبلاً، حتى لا تصبح حفرة عميقة قد لا يخرج منها!

إنَّ التخطيط من أهم عوامل نجاح أي مؤسسة، وهو لوزارة التربية والتعليم ألزم وأوجب؛ لأنَّ عملها كله قائم على التخطيط، وبغيره لن يُتقن عمل، ولا يتحقق هدف، ولن يرى أي مشروع النور إلا أنْ يخرج مشوهاً. والدليل على ذلك أنَّ الخطط السنوية والفصلية واليومية هي من أهم متطلبات العمل لكل إدارة ومديرية وقسم، بل إنَّها من أهم واجبات المعلم في الميدان، وخصصت الوزارة لذلك جيشاً من المشرفين بالإضافة إلى مديري المدارس ورؤساء الأقسام لمتابعة تخطيط المعلمين الفصلي واليومي، ورصدت للتخطيط علامات ترفع تقرير الأداء للمعلم أو تخفضه.

ولكن المراقب لأداء مركز الوزارة يتبين له أنَّ هناك تخبط تربوي لا تخطيط تربوي، ولعل مرد ذلك ضخامة الأعمال وتنوعها وتداخلها وتناقضها أحياناً، ولكن ذلك لا يعفي الوزارة من المسؤولية، وأن تكون في قمة التخطيط الواعي المتبصر الذي يستبق الأحداث ولا يتورط فيها وبها!

تقرر أن يكون يوم 4-9-2010 بداية دوام المعلمين في المدارس، ولعل من وضع التقويم لم ينتبه أنَّ هذا اليوم يصادف يوم سبت الذي يعتبر يوم عطلة رسمية، ولا مبرر للدوام فيه خاصة وأنَّ هناك خمسة أيام عمل (غير السبت) تسبق دوام الطلبة وهي كافية تماماً، وتتوافق مع المعتاد في السنوات السابقة. وللأسف أنَّه لم يتجرأ أحد ليقول أنَّ بداية الدوام غير مناسبة، وبقي الخطأ وتحمل مائة ألف أو يزيد وزر خطل في التخطيط. ولم يتوقف الخطأ على ذلك، بل لم تستيقظ الوزارة إلا بعد ظهر الخميس 2-9-2010 إلى ضرورة دوام موظفي المديريات يوم السبت أيضاً، فاشتغلت الهواتف والفاكسات والخلويات لإبلاغ جميع المديريات، وبعد ذلك قامت المديريات بورشة اتصالات على كافة الجبهات لإبلاغ المعنيين في آخر نصف ساعة من الدوام، وزاد التخبط أنه لم تحدد ساعة الدوام إلا في وقت متأخر جداً، فوقع القوم في حيص بيص، وغاب يوم السبت من غاب لأنه لم يبلغ، وتأخر من تأخر لأنه لم يعلم، واشتغلت من جديد ورشة الاستجوابات للمتغيبين والمتأخرين لتحاسبهم على خطأ لم يقترفوه، وكل ذلك بسبب خلل في التخطيط لم تتكلف الوزارة عناء تعديله، ومما يثير الأسى أنَّ الوزارة بكل تطورها وفي عهد الحكومة الإلكترونية، وسيادة وسائل الاتصال الحديثة لم تلجأ إلى التلفزيون الرسمي والإذاعة للتبليغ ببداية الدوام وساعته وإن على شكل خبر في الشريط الإخباري المتحرك.

ما سبق مثال صارخ على غياب التخطيط السليم، وتحوله إلى تخبط بامتياز، والأمثلة كثيرة مثل تحديد موعد اجتماع قبل الموعد بساعات، أو وصول كتب رسمية بعد موعدها أو قبيل موعدها الأخير بوقت لا يسمح بتعميمها، وعقد دورات في الوقت الضائع، ووجود أكثر من جهة للتدريب كما حدث مؤخراً حيث تنازع التدريب كل من مديرية الإشراف وشركة كادر، وعدم توفر مواصلات للقيام بالمهمات المطلوبة رغم موعدها المحدد مسبقاً، إلى غير ذلك من تخبطات لا تحسد عليها وزارة التربية والتعليم.

ولعل التخبط الأكبر يتمثل في النقص المزمن في المعلمين، وتبقى المدارس وخاصة المدارس البعيدة تعاني من نقص معلمين، يغطى عن طريق التعليم الإضافي الذي لا يستقر، وتبقى حركة التعيينات نشطة طوال الفصل الأول وشطراً من الثاني، في دلالة قوية على غياب التخطيط المتقن، وإلا فما يمنع تعيين عدد كافٍ دفعة واحدة؟ فما دمنا نعرف أن نسبة الاستنكاف عند الذكور هي 50% مثلاً، فلنعين ضعف العدد المطلوب وأثناء العطلة الصيفية، وإذا قلصنا من إجراءات التعيين المملة، وتحديد وقت محدد للمراجعة، فإن الوزارة قادرة على تحديد النواقص بسهولة، وتلافيها بسرعة، ورغم أن هذه المشكلة مزمنة، إلا إن الوزارة لا زالت تعاني منها كشعائر سنوية لا بد منها!

ومن أمثلة التخبط الماثلة للعيان تأخر عمليات صيانة المدارس، وعدم توفير المقاعد والتجهيزات أثناء العطلة، ومع أن جهوداً كبيرة تبذل في العطلة الصيفية، إلا إن الخلل يبقى سيد الموقف!

وتعتبر إجازات مديري المدارس السنوية في بداية العام الدراسي وفي وقت الذروة وشدة الحاجة لوجودهم عيباً كبيراً في التخطيط التربوي الذي لا يراعي الأولويات والضرورات.

مما سبق يتبين أن التخطيط التربوي هو تخطيط روتيني غير مبني على أية دراسات، ولا يستشرف أي مستقبل، وأغلب الخطط هي خطط هزيلة مكررة لسنوات سابقة. والمطلوب ثورة في التخطيط التربوي، وتغيير جذري في آلية التخطيط، واعتماد أسس علمية وعملية في التخطيط وتنفيذ الخطط، ومراجعة مستمرة لما يُخطط له، ومحاسبة لكل مقصر، وتعزيز كل محسن.

أخيراً، إن أي عمل بلا تخطيط هو عمل فاشل، وأي تخطيط غير سليم يؤدي إلى نتيجة مشوهة ممسوخة، وقبل أن نطالب المعلم بالتخطيط ومحاسبته عليه فلتحسن الوزارة التخطيط، ولتبتعد عن أسلوب الفزعات والاستيقاظ في آخر لحظة، ولتدرك أن فاقد الشيء لا يعطيه، وإعطاء الحقوق للغير مقدم على مطالبتهم بتأدية واجباتهم.

نشرت على بعض المواقع الإلكترونية مثل جراسا والسوسنة وأخبار البلد ونيرون وزاد الأردن يومي الأحد والاثنين 19،20 أيلول २०१०

http://www.gerasanews.com/web/?c=122&a=३३९५४


السبت، 18 سبتمبر 2010

على هامش الحياة - قصص قصيرة جداً

موسى إبراهيم أبو رياش

الساعة سبعة

كان يجوب شوارع المخيم صباحاً ومساءً، صيفاً وشتاءً، لا يتخلف عن موعده أبداً مهما كانت الظروف. خطواته الرتيبة بحذائه الثقيل تدق الأرض كجندي محترف. وادع لطيف، لا يؤذي أحداً، يقدم مساعدات صغيرة هنا وهناك إن تطلَّب الأمر. كان نداؤه الدائم في جولاته "الساعة سبعة ... الساعة سبعة" ويرددها ويكررها بصوت مرتفع، يتناغم وخطواته المتوازنة. تكيَّف سكان المخيَّم مع سلامة وأفعاله، حتى أصبح من معالم المخيم البارزة، غير إنَّ فئة قليلة جداً كانت تعتبر سلامة مزعجاً لها ومقلقلاً لراحتها، وكم اشتكت لوالدته الطيبة، التي كانت تبتسم بوداعة وتحوقل وتعدهم خيراً. غير إنَّ سلامة ينسى صباحاً ما ترجوه والدته منه مساءً. ذات صباح حزين توفي سلامة، خيَّم صمت ثقيل، فقد ترك فراغاً كبيراً في شوارع المخيم، وأكثر من افتقد سلامة هم الذين اعترضوا عليه وشكوه إلى والدته، لأنهم أدركوا بعد فوات الأوان أنَّ سلامة كان يشعرهم بالحياة وطعمها رغم مرارتها.

عندما يحين الأوان

يقتعد حجراً كبيراً على مربع أحد شوارع المخيم، أو يقف ساعات طوال في المكان نفسه، لا يغادره إلا قليلاً لبعض حوائجه. جلسته أو وقفته لا تتغير بتغير الأيام أو الفصول، ولا يغادر زاويته الأثيرة إلا لنوم أو هروباً من مطر غزير. هادئ الطباع، صامت، ذاهل عما حوله وإن كان يراقب باهتمام أحياناً حركة الشارع. يفاجئك عندما تحدثه أنَّه يتحدث كأي عاقل بل ومثقف أيضاً. كان يُشكِّل لغزاً عند البعض، والأكثرية لا تُلقي له بالاً. عندما سألته أن يخبرني عن مشكلته وقصته، أجابني: عندما يحين الأوان، وكانت هذه الإجابة الحكيمة تسكتني إلى حين، وكلما كررت السؤال أعاد الإجابة نفسها. رحل فهد عن دنيانا فجأة، ودفن سره معه، ولما حاولت أن أعرف السر من أهله، اعتذروا احتراماً لفهد، الذي طالما أكد أنَّه سيخبرني بالسر عندما يحين الأوان !!

أول ما شطح نطح

حمّاد لا يُرى إلا هارباً ككلب مذعور، أو لائذاً بالجدران يحتمي بها، وكم رآه الناس وهو يركض هارباً من ظله، لا يقوم بأي عمل، ولا يأبه بأي شيء، ينتقل من بيته إلى الشارع، يتمشى بترقب وحذر، وسرعان ما يعود إلى البيت، يلوذ به من خطر يحسب أنه يتهدده. كثيراً ما شجَّعه والده أن لا يخاف ولا يهرب، وأن يتصرف كرجل، وعند الضرورة فليمسك بحجر ويضرب به من أراد به أذية أو سوءً. أخيراً تشجع حماد عندما قام أخوه الأصغر بجره إلى داخل البيت بعنف، فما كان من حماد إلا أن التقط حجراً وضرب به رأس أخيه بقوة، فتفجر الدم، وهرب حماد لا يلوي على شيء!!


نشرت في الملحق الثقافي للدستور - الجمعة 17أيلول2010 على الرابط

http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=\Supplement2\2010\09\Supplement2_issue1071_day17_id266343.हतं

وعلى الرابط

http://www.addustour.com/PDF_Daily/2010_9/9_1071_5_5_103067.pdf




الجمعة، 17 سبتمبر 2010

لماذا المذراة؟

موسى إبراهيم أبو رياش

المذراة هي آلة خشبية يستخدمها الفلاح لعزل وفرز مكونات الحبوب بعد درسها بالآلات التقليدية القديمة، فينتج عن استخدام المذراة أكوام من الحبوب النقية، يليها مكونات أخف عبارة عن عقل وأجزاء الأغصان التي لم تدرس جيداً، يليها التبن الخفيف، وأخيراً غبار التبن.

واستخدام المذراة يتطلب مهارة وفناً وخبرة لا تتوفر إلا لفلاح متمرس، لأنها تتطلب القيام بحركات معينة لتحقيق المراد والحصول على النتيجة المطلوبة.

ومنذ صغري فتنت بالمذراة منذ رأيت والدي يرحمه الله يستخدمها، ويستخدمها أترابه من الرجال، وقد حاولت صغيراً أن استعرض عضلاتي بها فلم أفلح.

وجاءت هذه المدونة الإلكترونية (المذراة) في محاولة للقيام بعمل المذراة التقليدية، ومساهمة في نشر بذور الوعي، وتكريس إنسانية الإنسان وحقه في العيش بحرية وكرامة.

إننا نعيش في واقع اختلط فيه الحابل بالنابل، وأصبح الإنسان يعيش فيه دون وجود منارات حقيقية يثق بها تدله على الطريق، بعد أن تكاثر بسرعة جنونية مدعو الخلاص، ومحتكري الحقيقة، ورافعي رايات الشرعية.

مدونة (المذراة) لن تدل على الطريق، ولكنها ستساهم –إن شاء الله- بخلق وعي وفكر مستنير، قد يساعد البعض على معرفة الغث من السمين، واليمين من الشمال، والأسود من الأبيض. هذه رسالتها ... إلقاء إضاءة هنا وإضاءة هناك، ولا مزيد!!

وكلي أمل بالتفاعل والتواصل من جميع القراء الأعزاء والمهتمين، علَّ تياراً يتشكل، يجرف الخبث، ويمهد السبيل!!